د. فيصل بن منصور الفاضل
جاءت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، القاضية بصرف مليون ريال لذوي كل شهيد توفاه الله في هذه الحادثة، وصرف مليون ريال لكل مصاب بإصابة بالغة، نتج منها إعاقة دائمة، وصرف 500 ألف ريال لكل واحد من المصابين الآخرين، وأن ذلك لا يحول دون مطالبة أي من هؤلاء بالحق الخاص، واستضافة اثنين من ذوي كل متوفى من حجاج الخارج ضمن ضيوف خادم الحرمين الشريفين لحج العام المقبل، ومنع سفر جميع أعضاء مجلس إدارة الشركة المنفذة وكبار مسؤوليها ومن لهم صلة بالمشروع، حتى انتهاء التحقيقات وصدور الأحكام القضائية، وإيقاف تصنيف الشركة المنفذة ومنعها من الدخول في أي منافسات أو مشاريع جديدة حتى انتهاء الأحكام القضائية، حاملة منظومة من فيض الإحسان وكرم المواساة للمصابين وأهالي المتوفين، وكذلك حزم المحاسبة للمقصرين، مع احترام استقلال القضاء وتطبيقه لقواعد الشريعة الإسلامية.
وتأتي تلك التوجيهات الحكيمة لتؤكد استمرار القيادة في تطبيق الأنظمة ومحاسبة المقصرين بموجب الأنظمة، ومن خلال الجهات القضائية المختصة، وأن الجميع سواسية أمام النظام ولا يوجد محاباة لأي أحد كائنا من كان، ولا شك أن اتخاذ القرارات الحازمة في مثل هذه المواقف ومحاسبة المخطئين ضرورة كفيلة لتفعيل الأنظمة وضمان احترامها وتطبيقها، كما أن احترام استقلال القضاء ضرورة لتحقيق العدالة للمتهمين ومنحهم فرص الدفاع عن أنفسهم. وعندما يتم تفعيل الأنظمة بجميع أحكامها على جميع أفراد المجتمع الذين تخاطبهم الأنظمة دون استثناء تكون أكثر فعالية في تحقيق أهدافها وتحقيق العدالة بين الناس.
هكذا عودنا الملك سلمان رجل النظام والانضباط على اتخاذ القرارات الحازمة في مثل هذه المواقف، ومعاقبة الفاسد والمخفق في عمله كائنا من كان، ومع كل يوم ودائما يؤكد على نحو متكرر بتطبيق النظام، ويحمل كل مسؤول صغيرا كان أو كبيرا في نطاق مسؤوليته جميع ما يصدر منه، كما يؤكد على الجميع ضرورة الاطلاع على الأنظمة والالتزام بها والعمل على إنفاذ مضمونها، إضافة إلى تأكيده في حال صدر منه شخصيا أو من أي مسؤول أمر مخالف للأنظمة فعلى متلقي الأمر أن يعرض عن ذلك فورا. ولا شك أن اهتمام الملك سلمان بالنظام وحرصه على تطبيقه على الكبير قبل الصغير والغني قبل الفقير يعد الباب الواسع لتحقيق العدل، وفائدته كبيرة يستفيد منها الوطن بمختلف مناطقه وجميع المواطنين والمقيمين والزائرين.
بقي أن نقول: إنه يؤمل من جهات التحقيق والادعاء العام والقضاء أن تتواكب مع سرعة التعامل مع هذه الحادثة من قبل خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وأمير منطقة مكة المكرمة، وأن تعجل في إجراءاتها سواء في مرحلة التحقيق والادعاء لدى هيئة التحقيق والادعاء العام أو مرحلة الفصل في الدعاوى أمام الجهة القضائية المختصة، وذلك للوصول إلى تحقيق العدالة الناجزة ليس فقط لورثة المتوفين والمصابين، وإنما كذلك للمتهمين بالتقصير في هذه القضية، الذين تظل لهم حقوقهم الكاملة ومنها منحهم الحق الكامل في الدفاع عن أنفسهم والحصول على أحكام عادلة دون تأخير تتناسب مع ما يثبت عليهم دون قسوة أو لين
الجمعة سبتمبر 18, 2015 2:37 pm